المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف سفر ايوب - دراسة كتابية ..

أيوب 3 ¹  بَعْدَ هَذَا سَبَّ أَيُّوبُ يَوْمَهُ ²  وَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: ³  [لَيْتَهُ هَلَكَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ وَاللَّيْلُ الَّذِي قَالَ قَدْ حُبِلَ بِرَجُلٍ! ⁴  لِيَكُنْ ذَلِكَ الْيَوْمُ ظَلاَماً. لاَ يَعْتَنِ بِهِ اللهُ مِنْ فَوْقُ وَلاَ يُشْرِقْ عَلَيْهِ نَهَارٌ. ⁵  لِيَمْلِكْهُ الظَّلاَمُ وَظِلُّ الْمَوْتِ. لِيَحُلَّ عَلَيْهِ سَحَابٌ. لِتُرْعِبْهُ كَاسِفَاتُ النَّهَارِ. ⁶  أَمَّا ذَلِكَ اللَّيْلُ فَلْيُمْسِكْهُ الدُّجَى وَلاَ يَفْرَحْ بَيْنَ أَيَّامِ السَّنَةِ وَلاَ يَدْخُلَنَّ فِي عَدَدِ الشُّهُورِ. ⁷  هُوَذَا ذَلِكَ اللَّيْلُ لِيَكُنْ عَاقِراً! لاَ يُسْمَعْ فِيهِ هُتَافٌ. ⁸  لِيَلْعَنْهُ لاَعِنُو الْيَوْمِ الْمُسْتَعِدُّونَ لإِيقَاظِ التِّنِّينِ. ⁹  لِتُظْلِمْ نُجُومُ عِشَائِهِ. لِيَنْتَظِرِ النُّورَ وَلاَ يَكُنْ وَلاَ يَرَ هُدْبَ الصُّبْحِ ¹⁰  لأَنَّهُ لَمْ يُغْلِقْ أَبْوَابَ بَطْنِ أُمِّي وَلَمْ يَسْتُرِ الشَّقَاوَةَ عَنْ عَيْنَيَّ. ¹¹  لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ الرَّحِمِ؟ عِنْدَمَا خَرَجْتُ مِنَ الْبَطْنِ لِمَ لَمْ أُسْلِمِ الرُّوحَ؟ ¹²  لِمَاذَا أَعَانَتْنِي الرُّكَبُ وَلِمَ الثُّدِيُّ حَتَّى أَرْضَعَ؟

 يسب ايوب اليوم الذي ولد فيه .. و يعرض جميع الاحداث التي تظهر ان اليوم الذي لا يشرق عليه روح الرب في اعماق الانسان ..  يكون يوم هو جالس فيه يتمنى الرحيل و يتمنى عدم الوجود ..  و يحلم بزوال ازمنة بداياته و هويته .. تلك المشاعر ستصيب أيضاً الكثيرين داخل دينونة الهلاك الابدي مع المعذبين .. لكن ايوب اجتاز في جزء من مرارتها و هو داخل تلك الحرب الشرسة على أعماقه ..

“  وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَالٍ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ لأَنَّهُمْ رَأُوا أَنَّ كَآبَتَهُ كَانَتْ عَظِيمَةً جِدّاً.” — أيوب 2:13

 لم تكن حرب ابليس ضد ايوب حرباً سهلةً .. من كثرة ما اصاب ايوب من ألم و تشوه جسدي ..  لم يستطع اعز اصدقائه من مشاركته اي كلمة مواساة لمدة سبعة ايام .. !! لقد كانت خسائره فادحة حقاً .. لحظات تمر كل السنين .. ايوب  لم يموت الى الآن لكن تقييم الجميع يعبر عن قربه من الموت في اي لحظة .. يا ايوب إلهك لابد ان يكون قادماً إليك ..

أيوب 2 ¹¹  فَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ أَيُّوبَ الثَّلاَثَةُ بِكُلِّ الشَّرِّ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ جَاءُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ: أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَأْتُوا لِيَرْثُوا لَهُ وَيُعَزُّوهُ. ¹²  وَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكُوا وَمَزَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ جُبَّتَهُ وَذَرُّوا تُرَاباً فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ ¹³  وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَالٍ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ لأَنَّهُمْ رَأُوا أَنَّ كَآبَتَهُ كَانَتْ عَظِيمَةً جِدّاً.

 جزء من الحرب التي وقعت على ايوب كانت عبارة عن سهام من المشاعر التي لم يكن يتوقع ان يستقبلها من الموثوق بهم لديه .. لقد هاجمت زوجته مساره مع الرب .. و ها هم اصدقاء العمر يعبرون بجانبه .. ليثيروا آلام لا تحتملها نفس الانسان في مثل هذه الظروف .. لقد كان ايوب حقا رجلاً كاملاً كما قال عنه الرب ..  لقد تحمل آلام كثيرة لكي يظل ثابتاً على محبته لإلهه ..

أيوب 2 ⁹  فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: [أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ! جَدِّفْ عَلَى اللهِ وَمُتْ!] ¹⁰  فَقَالَ لَهَا: [تَتَكَلَّمِينَ كَلاَماً كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟] فِي كُلِّ هَذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ. ¹¹  فَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ أَيُّوبَ الثَّلاَثَةُ بِكُلِّ الشَّرِّ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ جَاءُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ: أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَأْتُوا لِيَرْثُوا لَهُ وَيُعَزُّوهُ. ¹²  وَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكُوا وَمَزَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ جُبَّتَهُ وَذَرُّوا تُرَاباً فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ ¹³  وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَالٍ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ لأَنَّهُمْ رَأُوا أَنَّ كَآبَتَهُ كَانَتْ عَظِيمَةً جِدّاً.

 يسعى ابليس ان يزيد درجة الضغط على اعماق ايوب .. لان الانسان منفتحاً بالفعل بمشاعره على مجتمعه القريب ..  و يقبل منهم النصح و الفرح و الحزن ..  و هنا تأتي امرأة ايوب .. التي عاشت معه لسنين طويلة في خير الرب .. و تنصحه اسفة .. انه يجب عليه ان يتنازل عن ايمانه في الرب .. انه يموت حالياً ..  وهذه افظع مشاعر .. ان يقيم الاخرون ايوب و يروا انه فشل ..  رغم انه كان في قمة نجاحه متمسكاً بإيمانه .. في اشد ظروف الالم ..  ألعن إلهك لانه تخلى عنك .. !!  انها رسائل خفية تحمل الشك خلف جمل زوجته ..  انها شكوك الشرير الدائمة جمل مشوهة لا تنتمي ابدا للرب ..  و لذلك رغم ضعف جسد و نفس ايوب .. استطاع الرحل ان يرد .. بقوة وحسم من روحه .. ان كلام زوجته ككلام واحدة من الممتلئين جهالة من الشرير في العالم .. لقد ميز انها لغة الشرير ..  الخير والشر في حياته هما تحت سلطان إلهه .. انه إيماننا فريداً حقاً ..

أيوب 2 ⁴  فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [جِلْدٌ بِجِلْدٍ وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ. ⁵  وَلَكِنِ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. ⁶  فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَا هُوَ فِي يَدِكَ وَلَكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ].

 لغة الشيطان تظهر انه شخص كثير الخبرة و المراقبة و الدراسة و التعلم ..  لكنها تثبت انه يجادل من اجل اثبات وجهات نظر غير حقيقية نتيجة العمى الذي اصابه في الظلام ..  فالعمى الروحي جعله لا يفهم ان هناك محبة للرب قد تجعل ايوب يقبل المرض في سبيل ان لا يفترق عن الرب ..  و مرة اخرى يظهر جهالته امام حكمة الرب ..  ف أيوب لم يجدف على الرب .. بل ظل ملتصقاً به رغم مشاعر الالم ..

“  فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنَ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا].” — أيوب 2:2

 يظهر سؤال الرب حالة ابليس الروحية ..  و السؤال ليس احتياجاً من الرب للمعرفة .. فالرب لا ينقصه شيء و لا حتى المعرفة .. و تظهر السطور التالية ان الرب قد رآى اعماق فكر ابليس بسهولة ..  ان حالة ابليس هي حالة جميع من هم خارج حضرة الرب ..  تجوال و تمشي و إلتفافت و مقارنة و احقاد و رغبات في التدمير دون شبع او اكتفاء او راحة او شفاء ..  انها حالة هلاك لا ينتهي .. هلاك للابد ..

أيوب 2 ³  فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ! رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ]. ⁴  فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [جِلْدٌ بِجِلْدٍ وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ.

الجمل دي بتظهر بوضوح إدراك الرب الواضح لأعماق كل كيان روحي او مادي .. فالرب علم فكر ابليس وتوجهات أعماقه .. و علم أيضا عمق حالة ايوب  ..  بينما لم يتمكن ابليس سوا من تقديم بعض الفرضيات التي تتعلق بمتابعة و مراقبة السلوك البشري المعتاد لمن هم بعيدون عن الرب .. انه يستنتج مسارهم بسهولة .. و يحاصرهم بهدوء .. لكن الرب ليس كذلك .. ان يفتقد القلوب بمحبته و لا يحاصرها بخداع كما الشرير ..   ..ان المقارنة تظهر الفرق بين إله كامل و مخلوق مشوه ناقص

أيوب 1 ²¹ وَقَالَ: [عُرْيَاناً خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَاناً أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكاً]. ²² فِي كُلِّ هَذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ لِلَّهِ جَهَالَةً.

 تعرض ايوب لحرب شديدة على ايمانه في توجهاته امام الرب و ايمانه في طريقة الرب التي لم تتصف بالمودة في الشكل الظاهري للاحداث ..  لكنه مع ذلك ظل متمسكا في أعماقه بإيمانه في شخص الرب الصالح ..  انه التحدي الاصعب .. عندما تختفي كل الامور التي تبدو سببا في راحتنا و بهجتنا .. و لا يبقى الا ارض قاحلة .. برية وعرة ..